التصلب المتعدد (MS) هو أحد الأمراض العصبية والمناعية المزمنة التي تثير الكثير من المخاوف، خاصةً فيما يتعلق بتأثيره على متوسط العمر وخطر الوفاة. ورغم أن التصلب المتعدد لا يسبب غالبًا الوفاة المباشرة، إلا أن مضاعفاته الخطيرة قد تكون السبب في ذلك إذا لم يتم إدارة الحالة جيداً.
في هذا المقال، نستعرض أهم الحقائق العلمية حول العلاقة بين التصلب المتعدد والوفاة، دور العلاجات في تقليل المخاطر، وأهمية تبني نمط حياة صحي للحد من المضاعفات وتعزيز جودة الحياة.
1. هل يسبب التصلب المتعدد (MS) الوفاة مباشرة؟
لا، التصلب المتعدد في حد ذاته لا يسبب عادةً الوفاة المباشرة (كأن يهاجم الجهاز المناعي القلب أو الدماغ مثلاً).
الوفاة في مرضى MS غالباً تنتج من مضاعفات خطيرة تحدث بشكل غير مباشر بسبب التصلب المتعدد، مثل:-
- التهابات الجهاز التنفسي (كالرئتين) بسبب ضعف البلع أو التنفس عند مرضى التصلب المتعدد.
- التهابات المسالك البولية أو قرح الفراش الناتجة عن قلة الحركة.
دراسة تمت في كندا في محاولة لتحديد سبب الوفاة في 119 مريضاً بالتصلب المتعدد أظهرت أن:-
- نصف الوفيات تقريباً (%47) يكون بسبب مضاعفات MS.
- يأتي السرطان في المركز الثاني (19 شخصاً) والانتحار في المركز الثالث (18 شخصاً).
في العالم العربي والإسلامي وفي دول مثل مصر والسعودية تكون معدلات الانتحار قليلة للغاية بحسب منظمة الصحة العالمية WHO وتساهم تعاليم الإسلام بشكل كبير في ذلك إلى جانب قوة الروابط والعلاقات بين أفراد الأسرة والمجتمع
ويعد أيضاً إقليم الشرق الأوسط هو الأقل في الإصابة بالسرطانات المختلفة ومن أسباب ذلك وفقاً للمعاهد الوطنية للصحة بأمريكا (NIH) عوامل مثل الصيام (شهر كامل رمضان)، الأطعمة الغنية بالتوابل ، عدم تعاطي الكحول.
2. هل الأدوية الخاصة بـ MS قد تسبب الوفاة؟
فائدة العلاج بشكل عام تفوق الآثار الجانبية المحتملة ، وارتبطت الأدوية مثل العلاجات المعدلة لسير المرض (DMTs) بانخفاض فرص الإعاقة وتقليل حدة المرض.
معظم حالات الوفاة في MS تكون بسبب مضاعفات المرض لذا فمن غير المنطقي أن تتخلى عن العلاج الذي وصفه الطبيب لأجل مضاعفات نادرة الحدوث
العلاجات المعدّلة لسير المرض (DMTs) عامة آمنة، لكنها تحمل مخاطر نادرة وخطيرة، مثل:-
أدوية الانترفيرون:-
تساعد في تقليل الانتكاسات العصبية المرتبطة بالتصلب اللويحي (المتعدد) ، إلا أنها تضعف الجهاز المناعي ما يتسبب في تكرر العدوى ، ويتم إجراء فحوصات إنزيمات الكبد بشكل دوري مع هذه الأدوية لتجنب حدوث تليف الكبد.
فينجوليمود (جلينا):
يحدث مع هذا الدواء تباطؤ في ضربات القلب لذا يلزم متابعة المريض عند الحصول على هذا الدواء لأول مرة.
– تتعدد الأدوية المستخدمة مع التصلب المتعدد ولكل منها آثاره الجانبية التي قد تكون خطيرة في بعض الأحيان ، ولكن عند اعتبار الفوائد الصحية لها يجد غالبية المرضى أن تناول الدواء هو الخيار الأفضل ، خاصةً في ظل التطور المستمر والواعد في العلاجات المناعية.
3. هل بعض المرضى يرفضون الدواء لتفادي مخاطره؟
تشير الأدلة إلى أن حوالي 15%–40% من مرضى MS يرفضون أو يوقفون العلاج خلال السنة الأولى أو الثانية من بدء العلاج .
النسب تختلف حسب نوع العلاج (حقن مقابل حبوب بالفم )، الموقع الجغرافي، ويكون ذلك بسبب:-
- الخوف من الآثار الجانبية والمضاعفات
- صعوبة الالتزام كما في الحقن أو التأثيرات على الحياة اليومية
- عدم الوعي بأهمية العلاج
4. ما متوسط العمر مع التصلب المتعدد MS
التصلب المتعدد ليس سبباً مباشراً في الوفاة كما يحدث في أمراض القلب أو السرطان ويستطيع المريض عيش حياة طويلة ويكون متوسط العمر غالباً أقل ب 5 أو 10 سنوات مقارنة بمعظم الناس.
5. هل العلاجات المستقبلية للتصلب المتعدد ستكون بدون آثار جانبية؟
من غير المرجح أن تكون العلاجات المستقبلية خالصة تماماً من الآثار الجانبية خاصة على المدى القريب.
حتى الأدوية المصممة لتكون “أكثر استهدافًا” مثل الأدوية البيولوجية، قد تسبب آثارًا جانبية، وإن كانت أقل بكثير من العلاجات التقليدية مثل الكورتيزون.
أمثلة على التطورات الجارية في العلاج:
أبحاث في مجال العلاج بالخلايا الجذعية (مثل HSCT) عن طريق استبدال الخلايا الجذعية أظهرت نتائج مبشرة، ولكن تستهلك هذه الطريقة الكثير من الموارد والجهد مع عدم خلوها من المخاطر.
كيف يتم استبدال الخلايا الجذعية
- يتم تحفيز نخاع العظام لإنتاج خلايا جذعية
- بعد ذلك.. يتم تجميع هذه الخلايا من مجرى الدم
- يتم تدمير الجهاز المناعي الحالي من خلال الأدوية الكيميائية
- ومن ثم إعادة زراعة الخلايا الجذعية ليتكون جهاز مناعي جديد لا يهاجم المايلين.
يبدو هذا العلاج مثيراً حقًا للاهتمام لكنه ليس معتمداً بعد في علاج MS وتعد العدوى أثناء تنفيذه قاتلة ، لذا يتم عزل المريض شهر أو شهرين غالباً ، وقد يستغرق بناء جهاز مناعي جديد سنة تقريباً
– هناك علاجات جديدة ستكون مصممة خصيصاً لك تعتمد على العلاج الجيني والذكاء الاصطناعي لتخصيص الأدوية وفقاً للتركيب الجيني للمريض.
الخلاصة: لن تختفي الآثار الجانبية فجأة، لكن قد تصبح الأدوية أكثر أماناً وفعالية.
اقرأ أيضاً: أحدث علاج للبهاق و علاج نهائي للسكري النوع الأول
6. هل النظام الصحي يقلل خطر الوفاة بسبب التصلب المتعدد؟
نعم، بشكل غير مباشر ولكن مؤثر.
اتباع نظام يومي صحي يشمل:
- الأطعمة المضادة للالتهابات (مثل حمية البحر المتوسط).
- الرياضة المعتدلة والمنتظمة (150 دقيقة في الأسبوع).
- السيطرة على التوتر والابتعاد عن المشاكل لتخفيف القلق.
- النوم الجيد أمر أساسي حتى مع الشخص السليم.
- الالتزام بالعلاج لتجنب تفاقم الأعراض وهجمات المرض.
اتباع هذه النصائح يؤدي إلى:-
تقليل المضاعفات المحتملة مثل العدوى، قرح الفراش، أو الجلطات.
يحسن صحة القلب والوظائف الإدراكية ، ويقلل عوامل الخطر المرتبطة بالوفاة المبكرة.
اقرأ أيضاً: ما هي الفيتامينات الموجودة في الموز – التفاح – البطيخ
التصلب المتعدد ليس حكمًا بالموت كما قد يظن البعض، بل هو تحدٍ يجب مواجهته والتكيف معه خاصة مع التقدم في العلاج.
يعد الالتزام بالأدوية كما وصفها الطبيب، وتبني نمط حياة صحي ورياضي، والوعي بالمضاعفات المحتملة الركائز الأساسية لتقليل الاضطرابات الجسدية والنفسية وعيش حياة أفضل.
وبينما لا تزال الأدوية المستقبلية قيد التطوير، فإن الأمل كبير في علاجات أكثر أمانًا وفعالية تُمكّن المرضى من التغلب على المرض ومقاومته.