التهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid Arthritis) هو أحد أمراض المناعة الذاتية المزمنة، والتي يهاجم فيها الجهاز المناعي بطانة المفاصل، مما يؤدي إلى التهاب وتورم وألم قد ينتهي بتشوه المفصل خلال أعوام إذا لم يُعالج، ينقسم المرض إلى نوعين رئيسيين بناءً على التحاليل المعملية: هما الروماتويد ( السلبي – الايجابي )
أولاً: ما الفرق بين الروماتويد السلبي والايجابي؟
الروماتويد الإيجابي (Seropositive RA)
يعني أن التحاليل المستخدمة لتشخيص الروماتويد كانت إيجابية حيث تظهر أجسام مضادة في الدم تؤكد وجود المرض بشكل كبير مثل:-
- عامل الروماتويد (Rheumatoid Factor – RF)
- الأجسام المضادة للببتيد (Anti-CCP Antibodies)
ووفق الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم (ACR)، فإن نحو 60 إلى 80% من المرضى المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي تكون نتائجهم إيجابية لتحليل عامل الروماتويد (RF) أو تحليل Anti-ccp أو كليهما معاً.
الروماتويد السلبي (Seronegative RA)
يحدث الروماتويد السلبي عندما تكون الأعراض ظاهرة والمرض نشط ولكن التحاليل سلبية (أي أن نسبة عامل الروماتويد و Anti-ccp طبيعية) رغم وجود الأعراض المميزة للروماتويد مثل التهابات المفاصل.
تشير الدراسات إلى أن هذا النوع يمثل نحو 20 إلى 40% من الحالات، وتختلف النسبة حسب الدولة وطريقة الفحص.
وفي دراسة أقيمت في المغرب ونُشرت عام 2020 شملت 294 مريضًا، تبين أن 90% كانوا إيجابيين للأجسام المضادة و10% سلبيين.
ثانياً: كيف يتم التفريق بين الروماتويد السلبي والايجابي من خلال التحاليل؟
- اختبار عامل الروماتويد (RF): يبحث عن بروتين مناعي في الدم، لكنه غير خاص بالروماتويد فقط، وقد يظهر إيجابيًا في أمراض أخرى.
- اختبار Anti-CCP: أكثر دقة، ويمكن أن يصبح إيجابيًا حتى قبل ظهور الأعراض بعدة سنوات، ويعد أهم دليل على وجود الروماتويد.
- تحاليل مساعدة: مثل معدل ترسيب كريات الدم (ESR)، وبروتين سي التفاعلي (CRP)، لتقييم شدة الالتهاب.
ويمكنك تعلم بسهولة: كيفية قراءة تحليل الروماتويد
ثالثاً: هل الروماتويد الإيجابي أخطر وأيهما يستجيب أفضل للعلاج؟
لطالما كان يُعتقد أن الروماتويد السلبي أخف، لكن الدراسات الحديثة قدّمت وجهة نظر مختلفة قليلاً.
عند التشخيص الأولي:
وفق دراسة كورية نُشرت في مجلة PLoS ONE عام 2018 وشملت 241 مريضًا (منهم 40 سلبيًا و201 إيجابيًا):
- المرضى السلبيون كانت لديهم أعراض أشد عند البداية، ويتم معرفة ذلك من خلال عدد المفاصل الملتهبة والمتورمة
- مؤشر نشاط المرض (DAS28) عند التشخيص كان 5.1 في السلبيين مقابل 4.7 في الإيجابيين.
مؤشر نشاط مرض الروماتويد (DAS28) هو مقياس يُستخدم لتحديد شدة نشاط التهاب المفاصل الروماتويدي.
يعتمد على:
- عدد المفاصل المتضررة (من 28 مفصلًا).
- تحليل ESR أو CRP.
- وصف المريض للأعراض.
التصنيف:
- أقل من 2.6 → هدوء المرض
- 2.6–3.2 → نشاط منخفض
- 3.2–5.1 → نشاط متوسط
- أكثر من 5.1 → نشاط مرتفع
مرضى الروماتويد السلبي يسجيبون للأدوية بشكل أفضل:
لكن المفاجأة أن مرضى الروماتويد السلبي أظهروا استجابة أفضل للعلاج على المدى المتوسط(عامين):
- بعد عام من العلاج بالأدوية المعدلة لسير المرض (DMARDs)، وصل 72.4% من المرضى السلبيين إلى حالة هدوء تام للمرض (Remission)، مقابل 60.1% من الإيجابيين.
- بعد عامين، حافظ 73.7% من مرضى الروماتويد السلبي (SNRA) على هدوء المرض مقابل 59.3% من مرضى الروماتويد الإيجابي (SPRA).
كما أظهرت هذه الدراسة أنه في حالة الروماتويد السلبي يحتاج المرضى أدوية أقل مقارنة بمرضى الروماتويد الإيجابي
الهدوء التام (Remission) في التهاب المفاصل الروماتويدي
حالة من السيطرة الكاملة أو شبه الكاملة على نشاط المرض، حيث تختفي الأعراض أو تصبح في حدها الأدنى :-
- اختفاء الألم والتورم في المفاصل
- انخفاض مؤشرات الالتهاب بشكل ملحوظ (مثل اختبار سرعة الترسيب ESR)
- توقف التآكل في المفاصل
الوصول للهدوء التام هو الهدف الرئيسي في علاج الروماتويد ويمكن الوصول لذلك غالباً عن طريق:-
- العلاج المبكر والمكثف بمعدلات المرض (DMARDs) مثل الميثوتريكسيت (Methotrexate)
- المتابعة الدورية مع الطبيب لتعديل العلاج حسب الاستجابة
الوصول للهدوء التام لا يعني الاستغناء عن الأدوية تماماً وقد يؤدي ذلك إلى عودة الأعراض مجدداً، ولكن يقوم الطبيب غالباً بتقليل جرعات الأدوية في هذه الفترة دون إيقافها
رابعاً: صعوبة تشخيص الروماتويد السلبي
تشخيص الروماتويد السلبي غالباً أصعب وعادة ما يتم تشخيص هؤلاء المرضى متأخراً، لأن غياب الأجسام المضادة (RF و Anti-ccp) يجعل الأطباء يعتمدون على الأعراض والفحص السريري والأشعة فقط.
صعوبة تشخيص الروماتويد السلبي أدت إلى تأخر حصول هؤلاء المرضى على بدء العلاج بالأدوية المعدلة (DMARDs) في الوقت المناسب، مما قد يقلل فرص الوصول إلى الهدوء التام.
الفترة الذهبية لعلاج الروماتويد
هي الفترة التي تمثل أول 3 إلى 12 شهر من ظهور أعراض الروماتويد المبكرة وتعد مهمة؛ لأن الأدلة أثبتت أن بدء العلاج المكثف خلال هذه الفترة يجعل فرصة الوصول إلى هدوء تام (remission) للمرض محتملة جداً مقارنة بالمرضي الذين يتأخرون في التشخيص وبدء العلاج كما في حالة الروماتويد السلبي
ولهذا، تُوصي التوجيهات الأوروبية المختصة بعلاج الروماتيزم (EULAR) ببدء العلاج حتى قبل تأكيد التحاليل (الروماتويد سلبي) إذا كانت الأعراض السريرية قوية.
خامساً: هل يمكن الوصول إلى الشفاء أو الهدوء التام؟
لا يوجد حتى اليوم شفاء تام من التهاب المفاصل الروماتويدي، سواء الإيجابي أو السلبي،وإن كانت الأدوية الجديدة قريبة.
لكن يمكن الوصول إلى هدوء تام (Remission)، أي اختفاء الأعراض تمامًا واستقرار التحاليل.
في دراسة طويلة الأمد نُشرت عام 2023 وشملت 499 مريضًا لمدة تسع سنوات تبين أن:-
- 31.5% من المرضى وصلوا إلى هدوء طويل الأمد (أكثر من 5 سنوات).
- المرضى الذين ليس لديهم نسب مرتفعة من الأجسام المضادة Anti-CCP (أي مرضى الروماتويد السلبي) كانت لديهم فرصة أكبر في استمرار حالة الهدوء التام.
- الوصول للهدوء التام خلال أول 6 أشهر من العلاج كان أقوى عامل للتنبؤ بالنتائج الجيدة على المدى الطويل.
اقرأ أيضاً: أحدث علاج للروماتويد في 2025 ، جهاز بحجم كبسولة وبدون أدوية.
سادساً: هل هناك فرق في العلاج بين الروماتويد السلبي والايجابي
العلاج في النوعين متشابه، ويهدف إلى السيطرة على الالتهاب ومنع تلف المفاصل:-
- الميثوتريكسات (Methotrexate): الدواء الأساسي والأكثر استخدامًا.
- أدوية DMARD أخرى: مثل البلاكونيل
- الكورتيزون: لتخفيف الالتهاب الحاد عند نشاط المرض ويكون لفترة مؤقتة.
- الأدوية البيولوجية: والتي تُستخدم عند فشل العلاج التقليدي وتتسبب في مضاعفات صحية أخطر مع الاستخدام الطويل.
- العلاج الطبيعي والتمارين الرياضية: لتحسين الحركة وتقوية العضلات وبالتالي تخفيف الضغط على المفاصل.
سابعاً: هل الروماتويد السلبي خطير؟
الخطورة لا تتعلق فقط بنوع المرض (سلبي أو إيجابي)، بل بسرعة التشخيص والبدء بالعلاج.
إهمال أعراض الروماتويد وتركها دون علاج، قد يؤدي على المدى الطويل إلى تلف مفصلي دائم ومضاعفات قد تهدد الحياة.
لكن الجيد أن الروماتويد السلبي قد يستجيب بسرعة أكبر للعلاج ويصل إلى الهدوء بنسبة أعلى، بشرط التشخيص الصحيح وبدء العلاج مبكراً.
ثامناً: نصائح عملية لمريض الروماتويد السلبي
- لا تعتمد نتيجة التحاليل فقط: إذا ظهرت أعراض التهاب مفاصل مزمنة، راجع طبيب الروماتيزم لتحديد سبب الالتهاب.
- ابدأ العلاج مبكرًا: الأشهر الستة الأولى من ظهور الأعراض تمثل “نافذة الفرصة الذهبية” ويجب استغلالها.
- التزم بالأدوية والمتابعة الدورية، حتى لو اختفت الأعراض.
- مارس الرياضة بانتظام (المشي، السباحة)
- تجنّب التدخين، واتبع حمية البحر المتوسط الغنية بالخضروات والأسماك.
- حافظ على وزنك المثالي وابتعد عن الإجهاد النفسي قدر الإمكان.
اقرأ أيضاً: نظرة عامة عن التهاب المفاصل الروماتويدي
الأسئلة الشائعة حول الروماتويد السلبي والايجابي
هل يمكن أن يتحول الروماتويد السلبي إلى إيجابي؟
نعم، من الممكن أن يتحول المريض المشخص بالروماتويد السلبي إلى إيجابي مع مرور الوقت ،فقد تظهر الأجسام المضادة في الدم بعد أشهر أو حتى سنوات من بداية الأعراض. لهذا السبب، يوصي المختصون بإعادة إجراء التحاليل الطبية بشكل دوري، خاصة إذا تغيرت شدة الأعراض، هذا التحول قد يؤثر على طريقة العلاج والتنبؤ بتطوره مستقبلاً.

بخبرة تزيد عن 3 سنوات في كتابة المحتوى الطبي المتخصص في الأمراض المناعية، وبخلفية أكاديمية طبية لمدة 5 سنوات مع درجة البكالوريوس، أحرص على تقديم محتوى علمي دقيق وموثوق معتمداً على أهم المصادر العالمية مثل منظمة الصحة العالمية (WHO) والمعاهد الوطنية للصحة الأمريكية (NIH). هدفي نقل وتبسيط المعلومات الطبية المعقدة وتقديمها بوضوح للقارئ العربي بعيداً عن الخرافات.