جرعة فيتامين د 200000 : الفوائد، المخاطر، ودليل شامل للأصحاء ومرضى الروماتويد

يعد فيتامين د من العناصر الأساسية لصحة العظام والمناعة، وقد أظهرت دراسات عديدة أن نقصه شائع في فئات مختلفة من المرضى (مرضى سكري – ضغط – أمراض مناعية وغيرها من الأمراض المزمنة)،ويعد نقص فيتامين د مشكلة عالمية (حوالي 60% من سكان العالم لديهم نقص في فيتامين د)،وبالرغم من وجود أشعة الشمس دائماً في دولنا العربية إلا أن هناك أعداد هائلة من الناس لديهم نقص (أكثر من نصف السكان في دول مثل مصر والسعودية).

جرعة فيتامين د الموصى بها غالباً تكون في حدود 1000 إلى 2000 وحدة دولية يومياً بحيث لا تتجاوز 4000، ومع ذلك فإن الدراسات والتجارب أثبتت أنه يمكن تناول جرعات أعلى (تصل إلى 9000 وحدة دولية يومياً أي ما يعادل 270000 وحدة دولية شهرياً) دون التعرض لآثار جانبية أو مضاعفات صحية عند أغلب الناس ،

وفيما يلي سنوضح بالتفصيل ما هي الجرعة الآمنة من فيتامين د؟وما هي الجرعة المناسبة للشخص السليم أو المريض بالروماتويد أو غيره من الأمراض المزمنة؟ وكيف تتجنب جميع المشاكل المحتملة مثل سمية فيتامين د ؟ مع خطة شاملة في النهاية لتناول جرعة فيتامين د 200000 بأمان.

احرص دائما على تناول فيتامين د3 وليس د2 ،حيث يتميز vitamin d3 بفعالية كبيرة مقارنة ب d2 ويمثل الصيغة الطبيعية من فيتامين د

فوائد غير محدودة لفيتامين د

يساعد فيتامين د بشكل عام في:-

امتصاص الكالسيوم والحفاظ على عظام قوية
تقليل الالتهابات في الجسم
توجيه عمل الجهاز المناعي
تعزيز قوة العضلات والوقاية من السقوط (خاصة لكبار السن)

كيف يلعب فيتامين د دوراً مباشراً لدى مرضى الروماتويد ؟

التهاب المفاصل الروماتويدي هو مرض مناعي ذاتي يحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي أنسجة الجسم عن طريق الخطأ خاصةً المفاصل. تشير الأبحاث إلى أن فيتامين د يمتلك خصائص مناعية تنظيمية قد تكون مفيدة بشكل خاص لهؤلاء المرضى:-

التأثير على الجهاز المناعي:

فيتامين د لديه مستقبلات خاصة به على معظم الخلايا المكونة للجهاز المناعي وهذا دليل واضح على أن له دور في عمل الجهاز المناعي
يدعم صحة الخلايا التائية التنظيمية التي تساعد في السيطرة على الالتهاب

وفقًا للدراسات المنشورة على موقع المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية (NIH)، فإن نقص فيتامين د شائع بين مرضى الروماتويد ويرتبط نقصه أيضاً بزيادة نشاط المرض.

جرعة فيتامين د (200000 وحدة دولية):-

لماذا قد يصف الطبيب جرعة كبيرة؟

الجرعات الكبيرة من فيتامين د (مثل 200000 وحدة دولية) تستخدم عادةً عندما يكون هناك نقص حاد وتكون المستويات في الدم أقل من Ng/ml 20،

كما أن دوره التنظيمي فيما يتعلق بالجهاز المناعي جعله خيارًا حديثاً إلى جانب الأدوية في السيطرة على الأمراض المناعية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة الحمراء والصدفية وغيرها.

كيف يرتفع فيتامين د في الجسم عند تناول جرعات كبيرة (بالأرقام والدراسات)

معدلات الارتفاع المتوقعة:

في دراسة شملت 282 مريضًا تناولوا جرعات فيتامين د بمتوسط 66600 وحدة دولية أسبوعيًا لمدة 6 أشهر، أدى ذلك إلى ارتفاع مستوى فيتامين د من 21 Ng/ml إلى 46 Ng/ml في الغالبية العظمى من المشاركين،

وفي هذه الدراسة وصلت مستويات فيتامين د إلى ارتفاع كبير مع 1.4% فقط من المرضى (أكثر من 100 Ng/ml) لكن دون الوصول لمستويات السمية الخطيرة (والتي تبدأ من 150 Ng/ml).

وهذا دليل على أن جرعة 200,000 وحدة دولية ستؤدي إلى ارتفاع النسبة بشكل أسرع، لكن لا يمكن تحديد الارتفاع الدقيق لدى معظم الأشخاص حيث يعتمد على:-

المستوى الأساسي لفيتامين د قبل تناول المكملات
وزن الجسم (كلما ازداد وزن الشخص قلت قدرة الجسم على وصول فيتامين د للدم)
وجود مشاكل في الجهاز الهضمي أو عوامل وراثية قد تقلل قدرة الجسم على امتصاص فيتامين د

في أربعينيات القرن الماضي، كان من الشائع استخدام جرعات ضخمة من فيتامين د (200000-300000 وحدة دولية يوميًا) لعلاج الروماتويد. لكن تم إيقاف هذه الممارسة بعد ملاحظة ارتفاع كبير للكالسيوم في الدم لدى بعض المرضى تعرف ب سمّية فيتامين د vitamin d toxicity.

تسمم فيتامين د vitamin d toxicity

يرتبط حدوث سمية فيتامين د عند تناول جرعات كبيرة منه لفترات طويلة (كتناول جرعة 200000 وحدة دولية في يومياً) مع مكملات الكالسيوم غالباً أو الإفراط في الأطعمة الغنية بالكالسيوم حيث يؤدي ذلك إلى:-

فرط كالسيوم الدم والذي يحدث عندما تتجاوز مستويات الكالسيوم 10.5 mg/dl . وتصنف شدة الحالة بناءً على مقدار الارتفاع في نسبة الكالسيوم:-

خفيف: بين 10.5 و 11.9 mg/dL.
متوسط إلى شديد: 12.0 mg/dL أو أكثر، وقد تتطلب المستويات الأعلى (مثل 14 mg/dL) رعاية طبية طارئة.

ارتفاع فيتامين د الشديد (اكثر من 150 Ng/ml) لا يعني بالضرورة حدوث سمية أو تلف للأعضاء بل يعد إرتفاع الكالسيوم هو السبب الرئيسي في هذه المشاكل وليس فيتامين د في حد ذاته ،لذا مراقبة الكالسيوم تمثل خطوة عملية في حال تناول جرعات كبيرة من فيتامين د

لذلك، يمكن القول أن المشكلة الحقيقية هي تسمم الكالسيوم (hypercalcaemia) الناتج عن فرط فيتامين د (Hypervitaminosis D)، وليس تسمماً مباشراً من فيتامين د نفسه.

أعراض ومضاعفات التسمم بفيتامين د أو ارتفاع الكالسيوم في الدم (hypercalcaemia)

الأعراض المبكرة:-

غثيان وقيء
ضعف العضلات وفقدان الشهية
عطش شديد وكثرة التبول (حيث تحاول الكلى التخلص من الكالسيوم الزائد)
اضطرابات نفسية كسرعة الغضب

المضاعفات الخطيرة (في الحالات الشديدة):

تضرر الكلى وتكون الحصوات، وقد يصل إلى الفشل الكلوي الدائم.
ترسب الكالسيوم في أماكن خطيرة مثل الأوعية الدموية والرئتين أوالقلب.
اضطراب في ضربات القلب (عدم انتظام النبض).
ارتفاع ضغط الدم.

تسمم فيتامين د هي حالة نادرة الحدوث ومع ذلك إذا لاحظت أي أعراض تتعلق بارتفاع الكالسيوم في الدم عليك التوقف عن تناول مكملات فيتامين د فوراً ومتابعة الطبيب

ما هي الجرعة الآمنة من فيتامين د وفقاً للمنظمات العالمية مثل NIH؟

توصي تلك المنظمات غالباً بجرعات منخفضة نسبياً حوالي 800 وحدة دولية يومياً، بحيث لا تتجاوز 4000 وحدة دولية يومياً (أي ما يعادل 100 ميكروجرام من فيتامين د)

بعض الخبراء يقترحون أن 10000 وحدة دولية يوميًا آمنة غالباً للبالغين الأصحاء أو مرضى الروماتويد؛ وسنذكر الآن لماذا ؟

قد تكون سمعت أرقامًا كبيرة للجرعات مثل 50000 أو 100000 أو حتى 200000 وحدة دولية يومياً أو أسبوعياً مع أنّ توصيات المنظمات العالمية غالباً تكون أقل بكثير من هذه الأرقام (لا تتجاوز 4000 وحدة دولية يومياً غالباً)، فلماذا هذا التباين الشديد؟

الجدل في الوسط العلمي قائم فيما يتعلق بالجرعة الآمنة لفيتامين د

تنشأ هذه الخلافات بشكلٍ أساسي من التوصيات التي أصدرتها الأكاديمية الوطنية للطب في أمريكا (NAM) في عام 2011، حيث اعتبر أن مستوى فيتامين د في الدم بمقدار أكبر من أو يساوي 20 ng/ml (أي ما يعادل 50 nmol/l) كافٍ لصحة العظام لدى معظم الناس.

وهناك اختلاف واضح بين المنظمات الصحية حول المستوى الأمثل لفيتامين د.

مؤسسات صحية كبيرة تفضل أن يكون مستوى فيتامين د 30 Ng/ml وليس 20 Ng/ml فقط مثل:-

جمعية الغدد الصماء الأمريكية (Endocrine Society):
أوصت بأن يكون المستوى الكافي هو أكبر من أو يساوي 30 نانوجرام/مل (75 نانومول/لتر)، واعتبرت أن المستويات التي تتراوح بين 20–30 نانوجرام/مل غير كافية،و المستويات الأقل من 20 نانوغرام/مل تمثل نقصًا يجب معالجته (deficiency).

كما أوصت جمعية الغدد الصماء الأمريكية أن المستوى المثالي لفيتامين د يجب أن يكون بين 40 إلى 60 Ng/ml وليس 20 أو 30 للحصول على فوائد تتجاوز صحة العظام لتشمل المناعة

لذا فإن الجرعات الموصى بها من فيتامين د، والتي غالبًا ما تكون بين 600 إلى 800 وحدة دولية/يوم (IU/day) ولا تتجاوز 4000 تعتبر غير كافية لغالبية الناس لرفع مستوىات فيتامين د للمستوى المثالي (40 إلى 60 ng/ml).

إذا كانت منظمات كبيرة مثل الأكاديمية الوطنية للطب في أمريكا (NAM) توصي بعدم تجاوز 4000 وحدة دولية يومياً فما سبب الاختلاف؟

يرجع ذلك إلى إعادة تحليل البيانات التي اعتمدت عليها الأكاديمية حيث رأي العديد من الخبراء أن نهجهم كان خاطئاً وأن الجرعة المطلوبة لتحقيق مستوى ≥ 20 نانوجرام/مل (50 نانومول/لتر) لدى 97.5% من السكان يجب أن تكون في حدود 8895 وحدة دولية/يوم.

ما زالت المؤسسات الصحية الكبيرة مثل مجتمع الغدد الصماء (Endocrine society) تعتمد على الجرعات الأقل من فيتامين د بحيث لا تتجاوز 4000 ،وذلك حرصاً منهم على وصف جرعة آمنة تشمل جميع الناس مع اختلافاتهم الفردية في كيفية امتصاص أجسامهم لفيتامين د

خطوات عملية لتناول جرعة فيتامين د 200000 بأمان

الأهم من حجم الجرعة هو مستوى فيتامين د ومستوى الكالسيوم في الدم:-

مستوى آمن لفيتامين د: 30-100 نانوجرام/مل (75-200 نانومول/لتر)
خطر السمية: عليك التوقف فوراً إذا وصلت نسبة فيتامين د إلى 150 ng/ml
ارتفاع مستوى الكالسيوم في الدم يمثل المشكلة الرئيسية فيما يعرف بسمية فيتامين د وهو السبب في:-

تكلس الشرايين واضطرابات القلب
مشاكل الكلى والفشل الكلوي

النهج الآمن لتصحيح نقص فيتامين د

غالباً ما يكون تناول جرعات لا تتجاوز 10000 (عشرة آلاف) وحدة دولية يومياً من فيتامين د آمنًا على المدى الطويل عند معظم الناس ،ولكن فيما يلي سنوضح بعض الخطوات لتجنب أي مضاعفات محتملة.

1. قبل البدء بتناول مكملات فيتامين د

فحص مستوى فيتامين د في الدم (25-OH Vitamin D)

السبب: لتحديد شدة النقص الأولي واختيار الجرعة المناسبة، وتجنب إعطاء جرعة عالية لمن لا يحتاجها.

فحص الكالسيوم في الدم والبول

السبب: فيتامين د يحسّن امتصاص الكالسيوم، والارتفاع الزائد للكالسيوم يسبب حصوات كلى ومشاكل قلبية.

فحص وظائف الكلى (الكرياتينين)

السبب: الكلى الضعيفة لا تتحمل الجرعات العالية من فيتامين د وقد تتضرر بسبب ارتفاع الكالسيوم.

2. طريقة تناول جرعة فيتامين د 200000

– ليس هناك مشكلة في تناول الجرعة على مرة واحدة شهرياً ولكن الأفضل والاكثر شيوعاً هو أن يتم تقسيم الجرعة على أسابيع (50000 وحدة أسبوعياً)

– تُؤخذ الجرعة مع وجبة تحتوي على دهون
السبب: فيتامين د قابل للذوبان في الدهون فقط، والامتصاص بدون أطعمة تحتوي على الدهون ضعيف جداً.

ذلك بالنسبة للأقراص أو الشرب أم أخذ فيتامين د عن طريق الحقن العضلي فلا يحتاج لتناول أطعمة تحتوي على دهون ويتميز بامتصاص شبه كامل ويمثل الخيار الأمثل في حالة وجود مشاكل في الامتصاص المعوي

3. عناصر غذائية ضرورية عند تناول فيتامين د بجرعات كبيرة

فيتامين K2 (100-200 ميكروجرام يومياً)
السبب: يوجه الكالسيوم للعظام بدلاً من ترسبه في الشرايين والأوعية الدموية.

المغنيسيوم (300-400 ملغ يومياً)
السبب: ضروري لتحويل فيتامين د للشكل النشط.

شرب ماء كافي (2-3 لتر يومياً)
السبب: لحماية الكلى من تكون الحصوات في حال زيادة الكالسيوم في البول.

4. المتابعة الدورية مع الفحوصات

فحص مستوى فيتامين د بعد 8-12 أسبوع
السبب: للتأكد من الوصول للمستوى المطلوب وعدم تجاوزه (خطر التسمم).

فحص الكالسيوم كل 2-4 أسابيع في البداية
السبب: ارتفاع الكالسيوم هو أخطر المضاعفات المحتملة مع الجرعات العالية من فيتامين د.

5. أعراض يجب التوقف عندها عن تناول فيتامين د ومراجعة الطبيب

سمية فيتامين د نادرة الحدوث غالباً ولكن هناك بعض الأعراض التي لا يجب إهمالها خاصةً مع تناول جرعات كبيرة من فيتامين د مثل 200000 وحدة دولية أسبوعياً.

الغثيان والقيء المستمر
العطش الشديد وكثرة التبول
الإمساك الشديد
ضعف العضلات أو ألم العظام
الارتباك أو مشاكل في التركيز
حصوات الكلى

الجرعة المثالية من فيتامين د تختلف من شخص لآخر حسب العمر، الوزن، وحالة الشخص، لذلك لا يمكن اعتماد جرعة موحدة للجميع.

ولكن يمكنك الاعتماد على المعلومات التي ذكرناها لتحديد جرعة مناسبة لك مع استشارة الطبيب ،وتناول مكملات داعمة مثل فيتامين K2 والمغنيسيوم، مع شرب كميات كافية من الماء، يساعد على تحقيق الفائدة القصوى وتجنب أي مضاعفات محتملة.

في النهاية، فيتامين د ليس حلاً سحرياً لجميع مشاكلك أو التهاب المفاصل الروماتويدي ولكنه عنصر مهم يشارك في تنظيم المناعة وتقوية العظام وتحسين جميع الوظائف الحيوية تقريبًا، ويكفي أن نقصه شائع في معظم الأمراض المزمنة تقريباً.